د. سەروەر عارف
أخصائي الصحة العامة
ملخص مناقشة عُقدت في المعهدالكوردستاني للدراسات الاستراتيجية والبحث العلمي بتاريخ ٢٣/٦/٢٠٢٥
تُعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها "حالة من السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية الكاملة، وليست مجرد غياب المرض أو الضعف.
ولتحقيق صحة جيدة، نحتاج إلى نظام صحي جيد، ويُعدّ الضمان الصحي أحد أهم ركائزه في النظام الصحي الحديث. التأمين الصحي أوالضمان الصحي هو شكل من أشكال التغطية التأمينية التي تُغطي تكلفة النفقات الطبية والجراحية لكل فرد مؤمّن عليه.
يمكن تلخيص أهمية الضمان الصحي في النقاط التالية:
١. تقليل أو إزالة مخاطر الضرر غير المؤكدة التي قد تلحق بالفرد أو الأسرة من خلال جمع عدد أكبر من الأفراد أو الأسر المعرضة للخطر بشكل مماثل والمشمولين في صندوق مشترك يُشكّل تعويضًا عن الضرر الذي يلحق بكل فرد. وهذا يحمي الناس من مخاطر المرض المفاجئ والكوارث الصحية المالية.
٢.الدفع المسبق وتجميع المخاطر: يدفع الأفراد أو الأسر عندما يكونون أصحاء وقادرين على الدفع. ومع ذلك، عندما يمرضون ، يمكن استخدام أموال التأمين لتمويل احتياجاتهم الصحية.
٣.الضمان الصحي فعال عند وجود عدد كبير من المشتركين. فمع وجود عدد كبير، تقل احتمالات الحوادث، ويسهل الإنفاق من صندوق التأمين.
٤. التضامن: يتطلب برنامج الضمان الصحي الناجح مشاركة الأفراد، مع العلم التام بأن مشاركتهم قد لا تفيدهم بشكل مباشر، ولكنها ستساعد الآخرين المحتاجين للدعم. وبهذه الطريقة، يساعد الأشخاص الأقل عرضة للخطر، أو غير المرضى، أو الذين لديهم عائلات أقل، أولئك الذين يمرون بظروف أكثر صعوبة.
أنواع الضمان الصحي
أولاً، الضمان الصحي العام: يغطي في الغالب موظفي الحكومة وفئات معينة. ثانياً، الضمان الصحي الخاص سوق محدود، ولكن هناك طلب على خدمات أفضل. ثالثاً، الضمان القائم على صاحب العمل: شائع في الشركات الكبيرة؛ غالباً ما يكون تغطية جزئية (جزء من المتطلبات).
المشاكل المالية في النظام الصحي
الموارد المالية المتاحة في العراق محدودة، حيث يعتمد كلياً على الميزانية المخصصة لوزارة الصحة. في العراق، على سبيل المثال، تم تخصيص حوالي ٢٧٩.٦ دولار أمريكي للفرد سنوياً للصحة (بحلول عام ٢٠٢٢)، حوالي نصف هذا المبلغ ما يجب دفعه من الجيب الخاص. مقارنةً بـ ٣٦٨٥ يورو في الاتحاد الأوروبي،و تُمثل التخصیصات مایقارب ٤.٢٩٪ من الميزانية مقارنةً بـ ١٢.٦٪ في دولة أوروبية مثل ألمانيا(٢ ٢٠٢)
لا تدعمها المشاركة العامة (إلا في الحالات الطارئة) ، مما يُجبر على تقليص نطاق الخدمات عمودیا وأفقيًا. لذا، تقتصر المشاركة العامة على الدفع المباشر عند الحاجة، وهو ما يتعارض مع النظام الصحي الحديث الذي يعتمد على الدفع المسبق.
الدفع غير عادل. لأنه ليس نسبیا ، بل هو السعر نفسه بغض النظر عن الوضع المالي للأفراد، فلا يوجد تأمين صحي، وتتعرض الأسر لمخاطر مالية كارثية، وهناك اتجاه تجاري للرعاية الصحية
أحيانًا يكون الدفع الرسمي من قِبل المرضى في القطاع العام أكثر بكثير من تقاسم المخاطر (خاصةً عند الحاجة إلى تكنولوجيا متقدمة). على سبيل المثال، بعض الفحوصات أو العلاجات باهظة الثمن في القطاع العام، وتُجبر المرضى أحيانًا على الديون والكوارث المالية.
إهدار المال ونقص الشفافية، ونقص أنظمة المحاسبة والمراقبة الفعالة
ميزانيات المستشفيات ثابتة وتستند إلى معلومات وبيانات داخلية، ولا تعتمد علی الأداء، على سبيل المثال، عدد الأطباء والموظفين ووظائفهم، وليس عدد المرضى والعلاج والخدمات المُقدمة.
غياب إرشادات للإنفاق الصحي المنطقي والعقلاني.
الحاجة إلى مزيد من الموارد الصحية باستمرار بسبب النمو الديموغرافي السريع (الذي يُقدر أنه یتضاعف خلال ٢٥ عامًا في العراق).
توصيات للحلول المالية
زيادة تمويل الصحة (الميزانية، والضرائب المخصصة على الكحول والسجائر، وأقساط التأمين (مساهمة عامة) على الأقل للقطاع الرسمي، والضرائب على القطاع الخاص.
إنشاء شركات تأمين صحي خاصة وعامة، أولًا على المستوى المحلي، ثم على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية.
ينبغي أن تكون رسوم الخدمات مصحوبة دائمًا بإعفاءات للفقراء، وبعض الأمراض المزمنة والخطيرة، أو تدخلات صحية خاصة حسب العمر ونوع المرض والمنطقة الجغرافية.
تحسين إدارة الميزانية العامة. شفافية معلومات الميزانية.
تغيير آلية تمويل وزارة الصحة إلى أساليب مثل (التعاقد، وشراء الخدمات).
تغييرات في تخصيص الميزانية لصالح خدمات الرعاية الصحية الأولية الأقل تكلفةً والأكثر تأثيرًا على الصحة على المدى الطويل
التطور التاريخي للتأمين الصحي
ألمانيا (١٨٨٣): صدر أول نظام تأمين صحي اجتماعي وطني في العالم، وهو قانون أوتو فون بسمارك للتأمين الصحي.
المملكة المتحدة (١٩١١): تأسس نظام التأمين الصحي الوطني في المملكة المتحدة، مقدمًا الرعاية الصحية الأولية لمجموعة مختارة من الناس.
اليابان (١٩٢٢): تأسس نظام التأمين الصحي الوطني في اليابان.
بعد الحرب العالمية الثانية: توسع نطاق تغطية التأمين الصحي في العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تم اعتماد أنظمة الرعاية الصحية الشاملة
أما في العالم العربي، فقد ظهرت أول وثيقة مكتوبة باللغة العربية لضمان العلاج الطبي عام ١٩٥٧ في مصر بين شركة التأمين المتحدة وبنك الإسكندرية. شهد عام ٢٠٠٥ انطلاق خدمات التأمين الصحي في اليمن من خلال الشركة المتخصصة للتأمين الصحي
مشاكل التأمين الصحي بصورة عامة:
عدم تغطية تأمين صحي شامل لجميع فئات المجتمع. يُعرّض المحرومون من التأمين الصحي أنفسهم لخطر الفقر والمرض نتيجةً لتحملهم تكاليف علاجهم بأنفسهم، كما یزداد خطر الإصابة بالمرض بينهم نتيجةً لعدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج، مما قد يحرمهم من العلاج ويؤدي إلى انتشار المرض وتفاقمه وربما الوفاة.
زيادة الأعباء على صناديق التأمين الصحي العامة أو الخاصة نتيجةً لارتفاع تكاليف العلاج وعدم كفاية التمويل، أو من خلال التبرعات وإعفاء المشتركين من دفع الرسوم، وهو ما يقع على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية.
زيادة الضغط المالي على الأفراد نتيجةً لزيادة الاستقطاعات من رواتبهم للتأمين الصحي.
قد يُعزى انخفاض أقساط التأمين إلى عدة عوامل، منها ضعف قوانين ولوائح التأمين الصحي، ومشاكل في إدارة وتنفيذ برامج التأمين.
عندما يكون تأثير التأمين محدودًا على تحسين تقديم الرعاية الصحية.
انعدام الشفافية، مما يؤدي إلى سوء تخصيص وإدارة موارد التأمين الصحي. وقد يرتبط هذا بالفساد، الذي يتفاقم بسبب غياب نظام رقابة فعال، وآليات مساءلة قانونية، وتشريعات مناسبة.
الاحتيال: تزوير تعريفات وعلاجات تشملها قوانين التأمين، أو علاج شخص غير مؤمّن عليه ببطاقة تأمين صحي، وإعادة فرض رسوم العلاج، والموافقة على استلام مبالغ إضافية، مما يُثقل كاهل صندوق التأمين.
تلقي خدمات لم تُقدّم، أو تغيير اسم الخدمة التي يغطيها التأمين، أو الكتابة بشكل غير صحيح عن المرض أو العلاج، أو تغيير توقيت الخدمة، أو الإفراط في استخدامها، مثل العلاج الطبيعي، أو فترات الإقامة الطويلة في المستشفى، أو الأدوية غير الضرورية.
ارتفاع معدل المطالبات "مبلغ تأمين كبير": إذا كان العديد من الأشخاص مؤمّن عليهم ويتلقون مبلغًا كبيرًا من التأمين (للعلاج، أو المرض، أو الإحالات، وما إلى ذلك).
تزايد معدلات الشيخوخة والأمراض المزمنة في المجتمع نتيجةً لارتفاع أعمار السكان، مع ارتفاع تكاليف رعاية كبار السن والأمراض التي يعانون منها، مثل داء السكري وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب. وهذا يزيد أيضًا من الضغط على التأمين الصحي.
الاختيار غير السليم، حيث يلتحق المرضى بأعداد أكبر من الأصحاء؛ الاختيار العكسي غير السليم، حيث تختار شركات التأمين عادةً الأشخاص ذوي المخاطر المنخفضة.
المخاطر الأخلاقية: يُغير التأمين سلوك المريض؛ زيارات متكررة للطبيب، وطلب أدوية، وإجراء المزيد من الفحوصات والعلاجات.
نقص وعي المستهلك. معرفة محدودة بالموظفين/الوكلاء.
طلب تقييم خدمات المستشفيات من شركات التأمين. الحاجة إلى تواصل سليم بين شركات الرعاية الصحية والمستشفيات.
تأخير تسوية المطالبات
تتسبب الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية في تدفق اللاجئين من المناطق المتضررة إلى المناطق المجاورة، مما يزيد الضغط على الموارد الصحية في تلك المناطق.
يؤدي انتشار الأمراض والأوبئة بسبب تدني معايير النظافة في مخيمات اللاجئين وأماكن إقامتهم إلى ضغوط مالية أكبر ونقص في الموارد اللازمة للتعامل مع الوضع.
كيفية منع الإفراط في الاستخدام
الدفع المشترك: يُلزم هذا الإجراء المرضى بدفع مبلغ ثابت لكل زيارة، مما يقلل من الزيارات الطبية غير الضرورية.
التأمين المشترك: يدفع المرضى نسبة مئوية من تكلفة العلاج من جيوبهم الخاصة، مما يمنع الإفراط في استخدام مزايا التأمين الصحي.
المبالغ المستقطعة: يدفع المرضى جزءًا من نفقات رعايتهم الصحية قبل تفعيل التأمين، مما يعزز الوعي.
الموافقة المسبقة: غالبًا ما تشترط شركات التأمين الحصول على موافقة قبل تغطية العلاجات باهظة الثمن، مما يضمن الضرورة الطبية ويمنع الإفراط في الاستخدام.
هناك قيود أخرى على الشبكة: إن حصر التغطية بمقدمي الرعاية الصحية من القطاع الخاص الذين يلتزمون بممارسات العلاج الأخلاقية يمكن أن يساعد في الحد من الخدمات غير الضرورية.
تحقيقات وتدقيق المطالبات: تساعد عمليات التدقيق المنتظمة في تحديد ومنع المطالبات الاحتيالية والأنماط المفرطة.
الضمان الصحي في العراق:
استقطاعات من جميع موظفي مؤسسات الدولة حسب قانون الضمان الصحي
الفصل التاسع
بدلات الاشتراك ونسب التغطية
المادة - ۲۷- أولاً : تحدد بدلات الاشتراك للموظفين والمتقاعدين وما يقابلهم في القطاع الخاص
والمواطنين ولمرة واحدة وكما يأتي:
أ - الدرجات العليا والخاصة من مدير عام فما فوق وما يقابلهم في القطاع الخاص ( ۱۰۰۰۰۰) مائة ألف دينار.
ب - موظفو الدولة للدرجات الأولى والثانية والثالثة وما يقابلهم في القطاع الخاص ( ٥٠٠٠٠) خمسون ألف دينار.
ج - موظفو الدولة للدرجات الرابعة والخامسة والسادسة وما يقابلهم في القطاع الخاص (٢٥٠٠٠) خمسة وعشرون ألف دينار.
د - موظفو الدولة للدرجات الأخرى وما يقابلهم في القطاع الخاص (۱۰۰۰۰) عشرة الاف دينار.
هـ - المواطنون غير المشمولين بالفقرات ( أ ، ب ، ج ، د ) ممن شملهم هذا القانون بالاشتراك ( ۱۰۰۰۰) عشرة الف دينار. ثانياً: يعفى من بدلات الاشتراك المنصوص عليها في البند (أولاً) من هذه المادة .
أ - المشمولون بنظام الرعاية الاجتماعية.
ب - المصابون بالأمراض الآتية:
١. السرطان.
٢.الأمراض النفسية والعقلية.
٣.أمراض الدم الوراثية.
٤.عجز الكلى المعالج بالديلزة.
٥. العوق الجسدي.
٦.العوق الذهني بضمنها داء التوحد.
ج - معاقو القوات المسلحة والامنية بكافة اصنافها.
د - الذكور من غير الموظفين والمتقاعدين الذين تجاوزت أعمارهم (٦٠) سنة.
هـ - الإناث من غير الموظفات والمتقاعدات اللواتي تجاوزت أعمارهن (٥٥) سنة.
و - الأطفال دون سن الخامسة.
ز - للوزير ورئيس الهيأة مجتمعين إضافة أو حذف أي حالة تستدعي الاستثناء
ضمن البند (ثانياً ب) و (جـ) من المادة (۲۷) من هذا القانون.
ثالثا:ً يحدد ويشمل القسط الشهري للموظفين والمتقاعدين وما يقابلهم في القطاع
الخاص وكما يأتي:
أ - الدرجات العليا والخاصة من مدير عام فما فوق وما يقابلهم في القطاع
الخاص (%٢٫٥) اثنان ونصف من المائة من الراتب الشهري الكلي.
ب - كافة موظفي الدولة وما يقابلهم في القطاع الخاص (١ %) واحد من المائة
من الراتب الشهري الكلي.
جـ - يعفى المذكورون في البند (ثانيا/ًب و جـ) من هذه المادة من الأقساط الشهرية.
د - تصدر بتعليمات من الوزير والهيأة حالات شمول وتحديد القسط الشهري لغير المذكورين في الفقرات (أ ، ب) من البند ثالثاً من هذه المادة.
هـ - لمجلس الوزارء صلاحية تعديل النسب الواردة في هذا القانون وباقتراح من مجلس ادارة الهيأة.
التوصیة الختامیة للمناقشة : يُعدّ إدخال الضمان الصحي في العراق بدايةً جيدةً ومشجعةً لإصلاح القطاع الصحي على غرار دول الاتحاد السوفيتي السابق، من نظام صحي عام حکومي شامل إلى نظام تأمين صحي مُشابه للدول المتقدمة، وهو بدايةٌ جيدة، وإن كان قد يحتاج إلى مزيدٍ من التغييرات والدعم. نأمل أن يُكلّل بالنجاح، وأن يشمل جميع أنحاء العراق، بما في ذلك إقليم كوردستان، وأن يكون بدايةً لإصلاحٍ جادٍّ للنظام الصحي العراقي، نحو نظامٍ حديثٍ يُطمئن المواطنين ويُجنّبهم القلق بشأن مشاكلهم الصحية.